مدعوم من google

الأربعاء، 7 سبتمبر 2011

انتخابات ولا انتكاسات


انتخابات ولا انتكاسات
الانتخابات البرلمانية الأردنية من الأحاديث المطروقة بقوة على ساحتنا الأردنية هذه الأيام، فحين يسمع السامع بها، يبدأ بالتنهد و طرح الأسئلة الناتجة عن خبرات سابقة مع كل انتخابات عقدت بالأردن و نتاجاتها وما أفرزته من النوع المقبول لنائبنا وطرق التعامل الحكومية والشعبية مع العملية الانتخابية، إضافة إلى انعكاساتها الشعبية وتعاطيهم معها وما جرته من فوائد على المواطن الأردني والوطن على المستوى المحلي والإقليمي والعربي والعالمي. كلها أسئلة طرحت كثيرا ولم تشف إجاباتها العملية أو الشفهية شهية المواطن الأردني ولا أدنى طموحه  ومازالت تدور في النفس أسئلة كثيرة .

وبرائي المتواضع إن قضية الانتخابات البرلمانية الأردنية تكمن في شكلها وتعاملاتها العشائرية، الثابتة المثبتة في  تاريخ أردننا السياسي منذ تأسيس إمارة شرقي الأردن وقدوم الأمير عبدالله بن الحسين من الحجاز إلى معان والدور الذي لعبته العشائر الأردنية وخاصة الجنوبية منها  في هذا التأسيس والمكتسبات التي حازتها جراء هذه المؤازرة وهذا التأييد وما زالوا يحصدون ثمار هذه المكتسبات التي أصبحت وكأنها إرثا موروثا خلفه لهم أجدادهم في تاريخ أردننا الحبيب .

  وما أثبتته تجارب العقود الماضية من اعتماد النظام السياسي الأردني  على القاعدة العشائرية في ترسيخ حكم الأردن وتقويته أمام تأمر بعض الأقطار العربية من جهة والطروحات والمشاريع العالمية من جهة أخرى كالانتداب البريطاني و تأسيس الوطن القومي لليهود في فلسطين وغيرها كثير منها ما هو حديث في عهد الأردن الحديث ومنها ما هو جديد بتاريخه السياسي المعاصر . وأنتج هذا الكيف في التعامل من قبل النظام الأردني السياسي الذي أسهم في إفراز القوى السياسة المحلية وترسيخ جذورها في المواقع الإدارية الحساسة التي تتحكم بمصير البلد ومصير المواطن والتي أصبحت حقوقا واجبة ومفروضة على النظام الأردني الذي يجب عليه دفعه دائما لهم ، مع إحداث بعض التغير ولكن الطابع العام مازال محافظا على هيكلته القديمة . فالنظام الأردني يعتمد في الجيش والأجهزة الأمنية والوظائف الحكومية الرسمية على القاعدة العشائرية التي أصبحت مع تقادم التاريخ مكتسب شرعي من حق العشائر الأردنية والمحدد لقوة مشاركتها ، ثقلها العشائري من حيث العدد والقوة السياسية والمشاركة الأميرية والالتفاف حوله ، فأصبحت كالثوابت في العرف السياسي الأردني لا يمكن التنازل عنه أو تغيره وحتى زحزحته ، ويختلف حجم هذه المكتسبات العشائرية باختلاف قوتها السياسية ومشاركتها الأميرية والملكية ، فمن ساهم من العشائر الأردنية في تأسيس إمارة شرقي الأردن حاز على هذه المكتسبات منذ ذلك التاريخ وحتى الآن مع اختلاف حجم هذه المكاسب ومصالحها مع تقادم عمر المملكة الأردنية الهاشمية بين الإمارة إلى المملكة الحالية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ، فساندت نظام الحكم الهاشمي وشكلت احد ابرز أعمدة الاستقرار السياسي في الأردن في مواجهة الهبات الداخلية أو الإقليمية .

لدرجة إنهم بدأ يمارسوا دور الحاكم المتسلط الذي يضرب رقاب الناس من دون رحمة ويعطلوا كل مواطن شريف يريد أن يخدم بلده بشكل أفضل ، لان هذا يقلل من مكتسباتهم وسلطتهم السيادية في بلد الأحرار ، ويبدأ أناس أردنيون آخرون يشاركوهم حكمة القرار ومصيره ومصير أهله ، وهنا سوف تختلف وتختل موازين القوى بالنسبة لهم ، لذلك عند الحديث عن الإجماع العشائري يجب أن يراع مثقفينا والنخب العشائرية من تحول هذا الإفراز العشائري ( نائب العشيرة ) إلى طاغية يخدم مصلحته أولا وعشيرته الصغيرة ثانيا أو أن يكون راضخا لغيرهم من النواب أصحاب النفوذ المتقادم مع الزمن ،  وينسى فضل الناس وهمومهم والوقوف إلى جانبهم ومساعدتهم مثلما أسهموا في إخراجه إلى قبة البرلمان الأردني كممثل عنهم وعن الوطن الغالي .

 فالأصل في منصب النائب تكليفي لا تشرفي ، لماذا لا نجعل من عشائرنا المتناثرة في كل محافظة عشيرة واحدة تفرز لنا قواعد راسخة تستطيع الدفاع والصمود أثناء المواجهة ، ألم يحن الوقت لواقعنا الانتخابي المرير أن يتغير ..... باختصار هلكتونا بالعشيرة رغم انه واقع نعيشه ولا نستطيع إنكاره أو تجاهله . ولا يحظرني في هذا المقام إلا كلمات الثائر العربي جبران خليل جبران ، فلم أجد ابلغ منها ولا أكثر منها قوة في التعبير عن الوضع الذي نعيش وتعيشه امتنا العظيمة ، فيقول جبران    " ويل لأمة تكثر فيها المذاهب والطوائف وتخلو من الدين ، ويل لأمة تلبس مما لا تنسج ، وتأكل مما لا تزرع ، وتشرب مما لا تعصر ، ويل لأمة تحسب المستبد بطلاً، وترى الفاتح المذل رحيماً ، ويل لأمة تكره الهوة في أحلامها، وتعنو لها في يقظته ، ويل لأمة لا ترفع صوتها إلا إذا مشت في جنازة، ولا تفخر إلا بالخرائب، ولا تثور إلا وعنقها به السيف والنطع ، ويل لأمة سائسها ثعلب، وفيلسوفها مشعوذ، وفنها فن الترقيع والتقليد ، ويل لأمة تستقبل حاكمها بالتطبيل وتودعه بالصفير، لتستقبل آخر بالتطبيل و التزمير، ويل لأمة حكماؤها خرس من وقر السنين ، ورجالها الأشداء لا يزالون في أقمطة السرير، ويل لأمة مقسمة إلى أجزاء، وكل جزء يحسب نفسه فيها أمة "

فانا ادعوكم وادعوا نفسي للعمل على جعل عشيرتنا الصغيرة عشيرة كبيرة على اطرَ مؤسسية ونظم واقعية مأخوذة من واقعنا الأردني فالدور العشائري معروف وواقع يجب أن نتلمسه مدركين فاعلين في إحداث التغير فيه ، لنتمكن من مواجهة الطوفان الذي غرقنا فيه منذ زمن . فقد كان لهذا الدور منذ البداية داع وله مسببات قوية ولكن الآن اختلفت الأسباب والظروف وبرزت أمور مستجدة أثبتت أن الإفراز العشائري بهذه الطريقة لا يجدي نفعا فليس من مصلحة المواطن ولا الوطن  فذاك زمن وهذا آخر.

الم تحن الفرصة لنعطي أنفسنا المجال لنحدث التغير ونبرز قوى سياسية وثقافية أكثر فاعلية لتخدم الوطن والمواطن في ظل الحكم الهاشمي بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني حفظة الله ورعاه ، هل يعقل أن عشائر الأردن لا تستطيع أن تسهم بلعب مثل هذا الدور أم أننا لا نستطيع الخروج على المألوف الذي صدأ وبلاء   وتقويض عالم غير الممكن بالعالم الممكن ، ألا يمكن للعشيرة أن تفرز نخبا سياسية غير التي عرفناها .

 ويَحكم أيَُها الأردنيون انتم أبناء الأردن جميعا من دون استثناء ، لماذا لا نسهم جميعا من خلال عشيرتنا إلى خلق واقع غير الذي عهدناه ، اقرب للوطن والمواطن منه للعشيرة ؟ أين انتم يا نخب الأردن من أفراد مجتمعنا ، فلينهض رجالك من كل صوب محدثينا التغير بالحوار والإقناع واحترام الكبير في السن فله كل الاحترام والتقدير ، وان تسهم بهذا الدور كل النخب السياسة والعشائرية من صغار وكبار ، ذكور أو إناث ، جمعيات أو مؤسسات ، حكومات أو أحزاب .

يداً بيد لنبني الأردن ونجعله أفضل البلاد


                                                                            حلمي درادكه

14 / 6 / 2010م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ارجو من المشاركين الابتعاد عن اللفاظ التي قد تثير التحفظ، وتقديم الطرح بنقد بناء وموضوعية جدية، لنكون خدميين للحقيقة، وشكرا للمساعدة.